المهرجان ومدينة الصويرة

التنمية عبر الثقافة

في نهاية تسعينيات القرن الماضي، شكل مهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة أول حدث من نوعه يُحدَثُ بالمغرب. مهرجان رائد ذو شعبية كبيرة ومجاني، حظِيَ، ومنذ دوراته الأولى، بانتباه وإعجاب الجميع، فاتحا الطريق لنشأة وظهور مهرجانات ومواعيد ثقافية عدة في مختلف مناطق المملكة.
فبالإضافة إلى كونه أثَّر ويؤثِّر بشكل كبير ودائم في المشهد الثقافي والفني المغربي، فإنه ي يعطي الدليل على أن التنمية يمكن أن تتحقق أيضا عبر ومن خلال الثقافة. سنة 2014، أجرى مكتب الدراسات المعروف “فاليانس “دراسة ميدانية لتقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي لمهرجان كناوة وموسيقى العالم على المدينة، وانتهى إلى خلاصات مهمة من بينها أنه مقابل كل درهم استثمر من طرف المهرجان يعود بالنفع ب 17 مثله على الصويرة.
سنة 2000، سجِّلت انعطافة أخرى في تاريخ هذه الحاضرة بالتحاقها بشبكة المدن المبدعة التابعة لمنظمة اليونيسكو. التحاق يعد بمثابة اعتراف بالمبادرات الثقافية المتعددة التي تحتضنها الصويرة وعلى رأسها مهرجان كناوة وموسيقى العالم، إضافة إلى مشروع بناء حاضرة الفنون والثقافة التي صممها المهندس المعماري البرازيلي المعروف أوسكار نيماير. مشروع سيغير دون شك، ملامح المدينة ومشهدها الثقافي والاجتماعي والسياحي.

تنمية وجهة

وضع المهرجان مدينة الصويرة على خريطة المدن الموسيقية العالمية، على غرار مونترو أو نيو أورليانز، اللتين تستضيفان مهرجانات مرموقة ساهمت إلى حد كبير في شهرتهما. في التسعينيات، ستشهد مدينة الرياح نهضة مذهلة، جزئيًا تحت زخم المهرجان. وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كما أظهرت دراسة لمكتب فاليانس، ازداد عدد وحدات الإقامة أكثر من ثلاثة أضعاف. وينطبق الشيء نفسه على المطاعم والمحلات التجارية والمؤسسات التي تقدم الأنشطة السياحية. ناهيك عن الطرق الجديدة التي تم إنشاؤها والخدمات الجوية التي تم توسيعها.

واليوم، ترتبط مدينة الصويرة وثقافة كناوة ارتباطًا وثيقًا في أذهان الناس، حيث جعلت منها المدينة حجة قوية لجذب المزيد من الزوار كل سنة. مما لا شك فيه أن الصويرة صارت واحدة من الوجهات السياحية المغربية الأكثر شعبية بين صفوف المسافرين.